ببساطة، السجل التاريخي
الإسرائيلي ليس مشجعاً جداً.
يجيب صديقي المخادع بأن
الفلسطينيين رفضوا باستمرار عروضاً تمنوا فيما بعد لو أنهم قبلوا بها.
لم أتمكن من مخالفته.
ولكننا نعمل ضمن دورات زمنية وأطر سياسية مختلفة عن الإسرائيليين.
"بالنسبة لنا فإن قوتنا تكمن
في وجودنا على أرضنا وفي وحدتنا. لن نعرض وحدتنا للخطر بسبب وعد مبهم من
إسرائيلي له تاريخ رهيب تجاه الفلسطينيين وحقوقهم" قلت لصديقي مجادلاً.
وصلت أطباق البيض.
بدأنا نأكل بصمت، ولكننا انتقلنا بسرعة إلى عدم اتفاق آخر في الرأي. يرفض
صديقي الإسرائيلي أية محاولة لمقارنة قتل الإسرائيليين بالنشاط الاستيطاني.
"أنتم دائماً تفكرون بالحقوق
الشخصية. من ناحية أخرى نحن نعطي الأولوية للحقوق الجماعية أو المجتمعية"
أجبته، وحاولت أن أفسر له إنه بالنسبة للفلسطينيين، تُعتبر عملية بناء
المستوطنات خرقاً لحقوقنا الوطنية وقتلاً لمستقبلنا كشعب وكأمة.
يكتشف صديقي قطعة من الزجاج
في صحن البيض ويعيد صحنه إلى المضيفة.
بينما يناقش هو اكتشافه هذا
مع موظفي المطعم، أتساءل أنا عما أفكر به حقاً حول فكرة رئيس الوزراء
الإسرائيلي بالانسحاب من طرف واحد من غزة. من حيث المبدأ، تعجبني الفكرة
لأنها تعني أننا أخيراً سنبدأ عملية انسحابات إسرائيلية عسكرية دون أن نضطر
لدفع ثمن سياسي لاتفاق مستقبلي مجهول.
من ناحية أخرى أعلم تماماً
إنه هذا الكسب المتمثل بغزة لا مستوطنين فيها سوف ندفع ثمنه باهظاً عندما يزرع
الإسرائيليون أقدامهم بعمق أكبر في أرض الضفة الغربية.
بعد أن حل صديقي مشكلة الزجاج
في صحن البيض، فسرت له أن الخطر الأكبر بالنسبة للفلسطينيين كان دائماً بناء
المستوطنات على أرضنا. لقد كان بناء المستوطنات دائماً هو الضربة الأكبر
لأي أمل بدولة فلسطينية مستقلة.
أخبرته أنه لو تراجع مد بناء
المستوطنات اليهودية، كما يمكن أن يستخلص من القرار الخاص بغزة فسوف يصبح لدى
الفلسطينيين الوقت والصبر للانتظار حتى يفهم الإسرائيليون أنه من أجل تحقيق
اتفاق يتوجب على إسرائيل أن تتفهم أمالنا.
"قد لا تكون لدينا القدرة
العسكرية أو السياسية للحصول على ما نبغي، ولكننا نملك القدرة السلبية لمعارضة
أي اتفاق لا يحقق القدر الأدنى من متطلباتنا" قلت له.
غادرنا المطعم دون أن نحل
جميع خلافاتنا السياسية. لم يكن واضحاً إذا كان صديقي سيعود مرة أخرى إلى
هذا المطعم بالذات، ولكنني كنت واثقاً بأنه يمكن مواصلة حوارنا في المستقبل.
- كاتب صحفي فلسطيني من
القدس، ومدير معهد الإعلام العصري التابع لجامعة القدس.