هنا نصل، في رأيي، إلى العنصر
الذي تفتقر إليه وثيقة جنيف. فهي لا تحتوي على موافقة صريحة ومكـتوبة وصادقة،
تصل الى حد الترحيب باستيعاب المستوطنين الذين يرغبون بالإقامة الدائمة في
الدولة الفلسطينية، ومنحهم كافة الحقوق التي تنطوي عليها وضعية الإقامة.
بالطبع، هذا يجب أن يكون مشروطاً بإعلان المستوطنين الذين يختارون ذلك، من
طرفهم، بأنهم يقبلون بالعـيش في ظل قوانين الدولة الفلسطينية وسلطاتها. ومن
المؤكد أنه في إطار اتفاقية ترتكز على حسن النية، لا يوجد سبـب يمنع أقلية
يهودية من العيش في فلســطين، تماماً كما تعيش أقلية فلسطينية في إسرائيل. وإذا
ما قام اليهود، عبر السنين (أو حتى فوراً) بطلب الجنســـية الفلســطينية، فيـجب
ألا يكون هناك سبب لرفض ذلك. بل على العكس، فإن أي ابتعاد عن مذهب "النقاء
العرقي"، الذي يخيم فوق الشعبين والدولتين كسحابة من التهديد المستمر، سوف
يسهّل العمل الصعب اللازم لترطيب الأجواء والإسراع في تطبيع العلاقات.
وسيشكك البعض في هذا الاقتراح
باعتباره غير جدي ومثيراً للضحك. فالحقد عميق وقوي، والتوتر شديد ورهيب،
والفلسطينيون دون شك سيذبحون المستوطنين الذين يبقون على أراضي دولتهم،
والمستوطنون دون شك سيفعلون ما بوسعهم لإشعال المنطقة مرة أخرى آملين أن يدفعوا
إسرائيل إلى إعادة احتلالها. باختصار، سيُرى فيه وصفة مجربة لخلق المشاكل
والنزاعات.
لا شك أن هذه الأفكار تنتمي إلى
معتقدات وصور نمطية شائعة. إلا أن إحدى وظائف الاتفاق التاريخي إثبات بطلان
المعتقدات السائدة والصور النمطية. وإن كان لا يمكن تجاهل الأخطار المتبادلة،
فعلينا ألا نتركها تخيفنا. فالحكومة الفلسطينية المستقبلية يمكنها، بجهد صادق
وبإصرار، الوصول إلى وضع يلاقي فيه المستوطنون الباقون على الأرض الفلسطينية
المشاكل إذا سعوا إليها، بينما يلاقي الساعون إلى الحياة الطبيعية الآمنة بروح
طيبة ما يسعون إليه.
وإذا عشنا لنرى يوماً ما أقلية
يهودية تشكو من التفرقة في فلسطين، تشارك في مظاهرة احتجاجية مع أقلية عربية
تشكو من التفرقة في إسرائيل، فسنعلم وقتها أن ساعة الخلاص حانت، أو أننا قريبون
جداً منها.
افتتاحية
مدخل إلى الاعتدال؟
أثار إعلان شارون عن وضع خطة لإخلاء 17
مستوطنة من قطاع غزة و 3
مستوطنات من الضفة الغربية، ردود فعل مختلفة اختلاف الطيف السياسي الإسرائيلي.
وربط التحليل في افتتاحية صيحفة هآرتز بين الخطة وشخصية شارون، حيث ارتبط إسمه
طويلاً "بمؤسسة الاستيطان، ولأنه يتحدث من أعماق قلب اليمين الإسرائيلي". وتسرد
الافتتاحية الأسباب التي تدفع الكثيرين لعدم أخذ هذه الخطوة على محمل الجد، إلا
أنها ترى في الوقت نفسه بأن شارون " أعلن فعلياً أن النواحي العملية تأخذ
الأولوية على النواحي الأيديولوجية، وإن المؤسسة الاستيطانية نفسها مطروحة
للنقاش والتفاوض". فتصرفات شارون ستخضع للمراقبة والفحص لمعرفة فيما ستتحول
"التصريحات إلى أفعال"...
بقلم: شامل إدريس
على الأميركيين
المسلمين العمل على قيادتهم من الجهتين
يناقش شامل إدريس، الأمريكي المسلم والخبير في حل النزاعات
ومنعها، ما يدور في اللقاءات الحوارية التي تضم ممثلين من الولايات المتحدة
الأميركية والعالم الإسلامي مستخدماً اللقاء الذي عقد مؤخراً في الدوحة كمثال.
ويرى الكاتب أن الوقت قد حان للمسلمين الأمريكيين للتأثير على قيادتهم من
الطرفين، الأمريكية والمسلمة، "فالقيادة السياسية والدينية في كل من الولايات
المتحدة والعالم الإسلامي تتحمل جزءاً هاماً من المسؤولية عن المأزق الذي نجد
أنفسنا فيه: حالة من العلاقات الإسلامية-الأميركية السيئة والتي تزداد
سوءاً"...