ولكن كلمات شارون تحمل أهمية
كبيرة في ضوء التغيير في وجهة النظر العالمية الأساسية التي أرشدت حكومته
والحكومات السابقة. فخطته لم تعد تدعي أن كل مستوطنة هي قلعة أمنية لا
يمكن التنازل عنها. وهو يفهم أن بعض المستوطنات تشكل عبئاً وأن تركها في
أماكنها "يسبب المشاكل لإسرائيل".
من الناحية الإيديولوجية فقد
أعاد شارون تشكيل عبارة "أرض إسرائيل الكبرى" إلى أجزاء يوجد لإسرائيل اهتمامات
فيها، وأخرى "لن تبقى إسرائيل فيها على أية حال". وبالتالي فهو قد أعلن
فعلياً أن النواحي العملية تأخذ الأولوية على النواحي الأيديولوجية، وإن
المؤسسة الاستيطانية نفسها مطروحة للنقاش والتفاوض، أما الشروط التي وضعها،
بحيث يعتبر الانسحاب جزءاً فقط من إجراءات السلام، وأنه بالتالي لن يكون هناك
انسحاب طالما استمر إطلاق النار، فقد فقدت قيمتها.
هناك أهمية خاصة لما قاله
شارون لأن كلماته هي كلمات رئيس وزراء لا سمه علاقة وطيدة بمؤسسة الاستيطان
ولأنه يتحدث من أعماق قلب اليمين الإسرائيلي. وبهذا فإن شارون يؤشر نحو
بداية عملية صحو ترتكز على تغير في الرأي العام، بما في ذلك داخل حزب الليكود.
لذا فهو يبني قاعدة ثابتة لأي قائد يرغب بالدخول في عملية تفاوض مع
الفلسطينيين، بما في ذلك بحث تفكيك المستوطنات.
نتيجة لذلك، حتى لو استمر
شارون بعملية التأجيل ولم يتم تنفيذ خطته كلياً أو جزئياً، أمكن وقتها القبول
بفكرة أنه، كونه عقائدياً، قد رسم الطريق لما سيأتي. وسوف تتم الآن
مراقبة تصرفاته وفحصها لمعرفة ما إذا كان يملك القدرات القيادية، السياسية
والعملية، لتحويل التصريحات إلى أفعال.