المقال الخامس:
الكلام عن الديمقراطية!
حسام مدهون
المبادرة
الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"،
20
كانون الأول/ديسمبر 2005
[ENGLISH]
رام الله.
يوم الجمعة الماضي الموافق 16
كانون الأول/ديسمبر أصدر مجلس النواب الأميركي في الكونغرس قراراً يشترط تقديم
مساعدات مالية مستقبلية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية باستبعاد حماس من
الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع عقدها في 25
كانون الأول/ديسمبر. على ناحية أخرى من المحيط الأطلسي سارع الاتحاد
الأوروبي بعمل مماثل، لم يصدر هذه المرة عن البرلمان الأوروبي وإنما عن مسؤول
السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافير سولانا. ففي لقاء له مع وزير
الشؤون المدنية محمد دحلان هدد سولانا بخفض المساعدات المالية للسلطة الوطنية
الفلسطينية إذا شاركت منظمة حماس الفلسطينية في الانتخابات التشريعية.
هذه التصريحات إنما تشكّل أمرين: الكيل بمعيارين والنتائج العكسية. إضافة
إلى ذلك فإن حقيقة أن هذه التصريحات تأتي من الاتحاد الأوروبي الأكثر اتزاناً
وحياداً، مقارنة بالولايات المتحدة، إنما تضيف إهانة إلى الجرح.
منذ إنشاء السلطة
الوطنية الفلسطينية عام 1994
كان الاتحاد الأوروبي المانح الأكبر فيما يتعلق بالمعونة المادية والدعم
السياسي. إلا أن هذه الملاحظات التي نطق بها السيد سولانا مزعجة جداً.
لماذا؟ لأن الاتحاد الأوروبي، وهو فيدرالية تضم دولاً ديمقراطية، يهدد
بإعاقة العملية الديمقراطية الحقيقية والتي لا مناص لها من أن تضم في النهاية
جميع أقسام المجتمع الفلسطيني. ومثال على ذلك أنه خلال حكم الرئيس ياسر
عرفات كانت إحدى الانتقادات الرئيسية الموجهة من قبل العديدين في المجتمع
الدولي – بمن فيهم الاتحاد الأوروبي – هو الأسلوب غير الديمقراطي الذي اتبعه
الرئيس الراحل. ومنذ تنصيب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لم يسعَ هذا
الرئيس الأكثر اعتدالاً إلى إجراء إصلاحات اقتصادية هو في أمسّ الحاجة إليها
فحسب وإنما حاول كذلك تسريع الإصلاح الديمقراطي والمؤسسي داخل السلطة الوطنية
الفلسطينية.
من هنا يبرز السؤال
السياسي: إذا كانت الديمقراطية في هذه الحالة ليست فقط الوسيلة وإنما
الغاية التي يود الاتحاد الأوروبي رؤيتها تنتعش في فلسطين إضافة إلى الشرق
الأوسط على اتساعه، فلماذا إذاً معارضة المبادئ الأساسية للديمقراطية؟
حسب مسودة دستور الاتحاد الأوروبي الذي لم يتم إقراره بعد، فإن تعريف
الديمقراطية هو كما يلي: "الديمقراطية في مفهومها المثالي هي مبدأ أن "الشعب"
يجب أن تكون له سيطرة على الحكومة التي تحكمه. هذا المبدأ يتم السعي إليه
من خلال تطبيق نظام من الانتخاب تحكم بموجبه غالبية الشعب، إما مباشرة أو بشكل
غير مباشر من خلال ممثلين منتخبين. الديمقراطيات الليبرالية هي أشكال حكم
يحمي القانون فيها الحقوق الأساسية لأفراد الأقليات". لذا فإن التهديد
بوقف المعونة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية إذا شاركت حماس في الانتخابات
التشريعية يماثل تهديد جزء لا يستهان به من الجمهور الانتخابي الفلسطيني.
والأكثر إزعاجاً هو الأسلوب المستخدم والتهديد بالضرب باستخدام الأساليب
النقدية ضد شعب يعاني من الفقر أصلاً.
إضافة إلى ذلك هناك
سؤال هو: لماذا التهديد يقطع المعونة عن السلطة الوطنية الفلسطينية إذا كان
انضمام حماس إلى الانتخابات التشريعية تطور إيجابي فيما يتعلق بإجبار حماس على
السعي وراء سياسات أقل تطرفاً إضافة إلى التخلي عن الأيديولوجيات الأكثر تطرفاً
والتي تأسست عليها؟ يستطيع المرء القول بيقين كبير أن القيادة الفلسطينية
وغيرها من الأحزاب السياسية سوف تصر بحماس متّقد على حماس بأن تشجب هدفها
الرئيسي هو تدمير دولة إسرائيل. إضافة إلى ذلك وكما صرحت الدكتورة حنان
عشراوي مؤخراً في مقابلة مع محطة البي بي سي، فإن اشتمال الأحزاب المتطرفة سوف
يجبرها على تسييس وجهات نظرها بدلاً من عسكرتها. في هذه الحالة تقبع
النتائج العكسية في الوقوف عائقاً أمام جعل حماس أكثر اعتدالاً، وهي عملية يجب
أن تمر بها سابقاً أو لاحقاً.
حتى يتسنى للعملية
الديمقراطية في فلسطين أن تكون حقيقية وليس تجميلية، من الضروري أن تشارك
مجموعات متطرفة في فلسطين، وخاصة حماس في الانتخابات التشريعية". الحديث
عن الديمقراطية جيد فقط عندما يتم تطبيقها بشكل حقيقي.
[ENGLISH] |